إسماعيل محمود يكتب: شيطان أبو ظبي … وجنة آل دقلو التي أحترقت
ديسمبر/18 | ص:9:58 / لا توجد تعليقات 54 viewsمسارات
شيطان أبو ظبي … وجنة آل دقلو التي أحترقت
بقلم : إسماعيل محمود
ليست كل الحروب صدامات ونزالات ولا كل الجرائم يخطط لها ثم تُرتكب بدافع الطمع المباشر.. فبعض المآسي تولد حين يقرر شرٌّ منظم أن يتوارى خلف الجموح والنفوذ وأن يستعير أدوات بلا أخلاق ليقتل بها شعباً كاملاً دون أدنى مبالاة .. لذا قولي إبتداءً إن ما جرى ويجري في السودان منذ أبريل 2023 يندرج في هذا السياق بوضوح مؤلم.
تمنحنا رواية (الشيطان) لمحمد عبد الرزاق مدخلاً رمزياً لفهم ما حدث ويحدث فهو صراع قديم بين الإنسان والشر والذي يبلغ ذروته حين يظن الأخير أنه انتصر نهائياً. لكن الفكرة الأخطر في الرواية ليست وجود الشيطان لكن الخطورة تكمن في لحظة تفوق الإنسان عليه في القسوة والتخطيط والتدمير هنا يصبح الشر بشرياً حاقداً بارداً ويعمل على إدارة الخراب بعقل شيطاني.
هذا بالضبط ما فعلته أبوظبي حين قررت أن تجعل من السودان ساحة مفتوحة لمشروعها الإقليمي الخبيث وهي التي أعدّت و موّلت وسلّحت، ووفّرت الغطاء السياسي والإعلامي ثم دفعت بشيطانها حميدتي إلى صناعة الموت والخراب.
حميدتي ومرتزقته وظيفة قذرة أُوكلت إليه تفكيك السودان وتجريفه و كسر جيشه و ترويع شعبه وتحويل البلاد إلى فراغ قابل لإعادة التشكيل وفق مصالح الخارج. وما كان له أن يذهب بعيداً لولا الاطمئنان الذي وفّره الدعم الإماراتي المباشر وغير المباشر مادياً ولوجستياً وسياسياً.
في لحظة ما بدا لحميدتي ومن يقف خلفه أن الطريق أصبح سالكاً حتى قال من فرط ثقته (ما أظن أن تبيد هذه ابداً) وأن الجنة التي وُعد بها لن تحترق ظنّ أن السودان يمكن أن بينه وبين طموحه خطوة وأن الدم يمكن أن يوصله الي سدرة المنتهى وأن الشعب السوداني سيخضع له ذليلاً تحت وطأة الرعب.. كانت تلك أكبر أوهام المشروع كله.
جاء منتصف أبريل 2023 ليكشف عورتها .. ويسقط الأقنعة، وبدا واضحاً أن ما يحدث ليس “نزاعاً على السلطة”، بل عدواناً مكتمل الأركان على شعب أعزل، تنفذه مليشيا مرتزقة، وتديره عقول في الخارج تحسب أن المال يعوّض غياب الأخلاق.
لكن ما لم يُحسب حسابه هو ذاكرة الشعب السوداني .. هذا شعب لم يولد بالأمس، ولم يدخل معاركه الأولى فلقد تراكمت داخله خبرات الصمود.. فهو يعرف تماما أن الهزيمة ليست لحظة.. لكنهامسار، وأن من يقاتل بلا قضية يسقط مهما طال الزمن لذلك ومع كل فظاعة ارتكبتها المليشيا كانت تتآكل وتتحول إلى لعنة تلاحق داعميها.
جرائم الجنجويد من قتل وتشريد وانتهاك وتدمير ممنهج لمحطات الكهرباء والمياه كفعل شيطاني يفاقم معاناة السودانيين واخرها استهداف كهرباء (عطبرة) وقبلها مدن كثيرة استهدف إنسانها وبنيتها التحتية .. كل ذلك أكبر من مجرد تجاوزات حرب.. هي تعبير صريح عن طبيعة مشروع ابو ظبي التي تتحمل مسؤولية لا يمكن محوها وتجاوزها بالخطاب الدبلوماسي أو حملات العلاقات العامة والتضليل الاعلامي الممجوج
التاريخ لا ينسى هذا النوع من الجرائم. قد يتأخر الحساب، وقد تتعدد الروايات، لكن النهاية واحدة.. كل شرٍّ يتجاوز حدّه يبدأ في التهام نفسه وما يجري اليوم ليس سوى بداية هذا المسار.
السودان رغم الجراح، ظل يثبت كل يوم أنه ليس أرضاً بلا شعب، ولا دولة بلا ذاكرة. وكل من راهن على كسره من الداخل أو الخارج، سيكتشف كما اكتشفت شياطينُ أخرى من قبل أن الشعب السوداني فوق هامات الجسارة.
