الحـرب العالميـة .. المتحـور الأوكرانـي
مارس/03 | م:1:33 / لا توجد تعليقات 170 viewsالخرطوم – 2022/03/03- إذاعة بلادي
الحـرب العالميـة .. المتحـور الأوكرانـي
الحرب الروسية الأوكرانية تضع اللمسات الأخيرة لحرب عالمية ، التاريخ يعلمنا أن وراء كل حرب عالمية تحولات كبرى وتغيير في السياسة الدولية ، فالحرب الروسية الأوكرانية بلا شك سلالة متحورة للحروب العالمية بموجاتها الملتهبة والباردة التي أسست شكل الدول والتحالفات السياسية وتحديثات النظام الدولي وموازين القوة عبر معاهدات واتفاقيات خفض التوتر وتسكين آلم وأوجاع الحرب .
من نتائج الحروب العالمية الأولى والثانية الاتفاق على تشكيل عصبة الأمم وتطويرها للأمم المتحدة كأول مؤسسة دولية لحل اشكاليات وتداعيات الحرب ، وتقاسم النفوذ وتقسيم الدول ، فكانت معاهدة فرساي واتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور وصعود النازية والثورة البلشفية من أبرز تجليات الحرب والسلام والتحول الديمقراطي مع التمسك بالقوة العسكرية من خلال بناء الجيوش الوطنية و الأحلاف العسكرية
(حلف وارسو / الناتو) .
الحرب الباردة حصرت التنافس الدولي بين القطبين السوفيتي والأمريكي مع تراجع الدور الأوربي في رسم السياسات الدولية ، فالحرب الباردة لا تختلف عن الحربين الأولى والثانية إلا في استخدام القوة المباشر على ميدان الحرب ، أما من حيث المسرح والفواعل الدولية المتصارعة في أروبا وشمال أفريقيا وأسيا مع توسعة الامتداد الجغرافي في إطار السباق السوفيتي الأمريكي للسيطرة ، ومن نتائج الحرب الباردة ظهور سياسة النظام العالمي الجديد الذي رسمت ملامحه الولايات المتحدة المنتصرة في تلك الحرب من خلال تداعيات الحرب الأفعانية ومالات البروستارويكا السوفيتية، وتفكيك حلف وارسو ودول الاتحاد السوفيتي واليوغسلافي ،عودة حرب البلقان وصعود التيارات الإسلامية في الشرق الأوسط الذي أفرزه انتصار المجاهدون الأفغان على السوفيت في أفغانستان ، ولعل هذا الانتصار أحدث تحولاً في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عبر مدخل أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وتوفير الحماية الأمريكية للخليج العربي ، وسياسة الجذرة والعصا لفرض املاءات التحول السياسي ودعم ثورات الربيع العربي لانزال نظرية الهندسة الاجتماعية كما عبر عنها لويس برنارد في مشروعه وكتابه الشرق الأوسط القوة والايمان .
الحرب الروسية الأوكرانية تبدو تجميع للخبرة التراكمية في سلسلة الحروب العالمية بداية من حرب الثلاثين ومعاهدة وستفاليا ومروراً بالحرب العالمية الأولى ، الثانية ، الباردة ، والحرب الناعمة التي فرضها القطب الأمريكي الذي اجتاح أفغانستان بذريعة مكافحة الإرهاب والعراق بذريعة أسلحة الدمار الشامل وليبيا وسوريا بذريعة التحول الديمقراطي ، فالحرب الروسية الأوكرانية من حيث مسرحها وتفاعلاتها وتحشيد الجيوش امتداد لسلسلة الحرب .
اللافت في هذه الحرب أن توقيتها يأتي في أعقاب تفشي جائحة كورونا ومستجداتها وأعراضها على الاقتصاد العالمي ، كما أنها كسرت أسطورة الديمقراطية وحقوق الإنسان كامتياز لسياسة الغرب حيث عملت على تعرية المشاعر الإنسانية للدور الغربي في بؤر الحرب في الشرق الأوسط .
النتائج المحتملة للحرب الروسية الأوكرانية حدوث عملية تحول في السياسة الدولية تتجاوز الامتياز الديمقراطي الذي تدعيه القوى الغربية ما يعني اجهاض الديمقراطيات الرخوة في أفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية ، وما يهمنا هنا أن الشرق الأوسط الأكثر تأثراً بمجريات التصعيد وبازار التسلح فهو منطقة تمرين رماية للترسانة الأسلحة والتسلح ، ومسرحاً للمعارك العسكرية في الحاضر والماضي ، بنفس تفاعلات ما يجري في أوكرانيا ، فالمثلث النووي ( الأمريكي / الإيراني / الروسي) يختبر قدراته الدفاعية والهجومية في اليمن وسوريا والعراق اضافة إلى دول الخليج حماية من نوايا التوسع الإيراني ، كما أن المنطقة تشهد حالة من الانقسام السياسي والنفسي وفقاً لسباق تشكيل المنطقة على النسق الديمقراطي الذي تخلق في الربيع العربي ، ونسق العسكرة الذي فرضته سياسة المحاور الإقليمية ، وهي انساق فرضت البروغندا الثورة والثورة المضادة حتى داهمنا الغرب بعسكرة العالم ووضعه في حالة تأهب للحرب النووية المدمرة .