
جيروزاليم بوست…إمتهان التضليل وتسويق الكذب
يوليو/04 | ص:8:04 / لا توجد تعليقات 68 viewsجيروزاليم بوست…إمتهان التضليل وتسويق الكذب.
بقلم : مرام البشير.
• “السودان حسم أمر السلام مع إسرائيل” كان هذا عنوان لتقرير كتبته صحيفة جيروزاليم بوست في أكتوبر من العام ٢٠٢٠م ، إدعت فيه أن مجلس السيادة الإنتقالي بقيادة البرهان إتخذ قراره بشأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل ،وأن السودان موعود بعد التطبيع برفاهية إقتصادية ستتحقق عبر حزمة من الوعود منها زيادة المساعدات ،تسهيل الإستثمار ،إعفاء الديون وهلما جرا من الوعود التي وصفها التقرير.
• بالأمس ذات الصحيفة كتبت تقرير جديد عن السودان تحت عنوان “البرهان رجل إيران في السودان” ذكرت من خلاله أن “الحرب على الإرهاب الإيراني لا تقتصر على حدود إسرائيل بل هي إقليمية وعالمية. وفي السودان، لها اسم: عبد الفتاح البرهان” ،للعلم لم يكن هذا التقرير هو الأول منذ إندلاع الحرب ففى الرابع من مايو المنصرم كتبت تقريراً مطولاً أيضاً بعنوان “الجبهة القادمة لحماس؟جيش السودان الإسلامي والتهديد الأفريقي لإسرائيل”وهكذا دواليك على رأس كل شهرين تُصدر الصحيفة تقرير على النحو السابق.
• لنعد الى الكاتبان المسؤولان عن هذه التقارير المُفبركة القديمة منها والجديدة نجد أن أحدهما هو الكاتب الإماراتي “أمجد طه” والآخر رجل الأعمال اليهودي المقيم في دبي “إيتان نيشلوس” بالطبع بعد ذكر هذه الأسماء سيتبادر إلى ذهن القارئ الرابط العجيب بين هذه التقارير وهزيمة المشروع الإماراتي في المنطقة ؛ نعم أنه نظام أبوظبي الإرهابي المسؤول الأول عن حرب الجنجويد ضد السودان وشعبه.
• تبنّى هذا النظام قُبيل الحرب خطة تطبيع السودان مع إسرائيل وكان هو المشرف عليها لذلك مهدت أذرعه الإعلامية الطريق لهذا التطبيع ،ولكن بعد فشله الذريع في السيطرة على السلطة وهزيمة مليشياته المتمردة تبنّى سردية دعائية مخالفة لسردياته السابقة ، تركزت سرديته الجديدة على تأطير الجيش السوداني كعدو مشترك للغرب ولإسرائيل على وجه الخصوص ، وسعى من خلال ذلك إلى صرف الأنظار عن دعمه المفضُوح للمليشيا وإعادة تصوير نفسه كدولة تحارب “الإسلام السياسي” والإرهاب في المنطقة، وبالطبع من قلب أبوظبي تنبثق الأكاذيب ليتم نشرها وتسويقها عبر الأبواق المختلفة لتصبح مادة دسمّة ضد الجيش السوداني والمستنفرين في ميادين القتال المختلفة.
• هذه المرة تزامنت التقارير المُفبركة مع حملات من أصوات وأقلام سودانية كانت تُكرر نفس الإدعاءات خاصة عقب الحرب الإسرائيلية على إيران قاصدة بذلك إِِذكاء مزيد من التفسيرات المُضللة على علاقة السودان بطهران ؛ بالتأكيد لم تكن هذه الأصوات غريبة على الشعب السوداني فهم لفيف من العملاء والمتقزمين الذين تعودوا على طعن السودان في خاصرته لكن هذه المرة أنضم لهم بعض المؤثرين في مواقع التواصل الإجتماعي.
• أوضح مثال على هؤلاء خبيرة التجميل السابقة والتي أصبحت صاحبة براند ومُصممة للتوب السوداني في الآونة الأخيرة ، أشارات في إحدى منشوراتها على الفيسبوك أن قائد كتيبة البراء قد أخبر السودانيين مسبقاً أنه يعلم أين نقلت إيران اليورانيوم المخصب، وأبدت استغرابها أن امريكا وإسرائيل لم يكونا على علم بذلك، في إشارة ضمنية إلى أن اليورانيوم الإيراني قد تم نقله للسودان وهي لا تعلم أن مثل هذه الإجراءات يتم كشفها عن طريق الأقمار الإصطناعية التي تحدد تواجد هذه المعادن بدقة ولا تحتاج لبوست على الفيسبوك لتحديدها، وأن امريكا وإسرائيل تعلمان تماماً أن السودان وإيران علاقتهما مُنصبة في حدود العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية لا أكثر ولا أقل ولو كان غير ذلك لبادرت الدولتين بردود أفعال سياسية أو عسكرية تجاه السودان.
• سذاجة المنشور توحى بالفهم المنقُوص لقضايا الأمن القومي خاصة عند بعض المشاهير والفنانين فمثل هذه المنشورات تساهم في ترويج الدعاية السوداء التي نَفَثتها الدويلة في الرأي العام في هذا التوقيت بالذات ، كما أن الخوض في هذه القضايا يُمثل ضامناً رئيساً لأكاذيب جيروزاليم بوست فهي تُعضد ما ترمي له الصحيفة وتُهيئ الشارع السوداني لإستقبال الإدعاءات المُفبركة التي تهدف لإستحضار كامل للدور الإسرائيلي في السودان وتُحرض صانع القرار السياسي في تل أبيب بأن يتدخل وهو كما تعلمون “قاعد على الهبشة” وهذه التقارير يمكن إعتبارها إشارة واضحة إلى إستهداف مباشر أو غير مباشر ضد الدولة السودانية الغارقة في آتون حرب مُدمرة ولا تستطيع تحمل كُلفة فتح جبهات جديدة.
• كل هذه الخلفيات كانت تعلمها الحكومة السودانية تماماً لذلك لجأت مؤخراً إلى”سياسة الإنكفاء الذاتي” وهو ماظلت تمارسه بعد إستعادتها زمام المبادرة في المشهدين العسكري والسياسي ، فانصبت مجهوداتها لصالح الإسراع في إكمال معركتها العسكرية مع المتمردين دون الإلتفات للمؤامرات والفتن التي تحاك ضد مكوناتها ،كما أنها رمت بثقلها السياسي في تعزيز الحكومة المدنية الجديدة التي ظل منصب رئيس وزراءها فراغاً لسنوات ليتمكن السودان من التقاط أنفاسه من جديد.
• أخيرا دعونا نوجه سؤالاً إلى كاتبي هذه الإفتراءات في جيروزاليم بوست وإلى العملاء الذين يروجون لها إذا كانت العلاقات بين السودان وإيران بذات القوة التي يزعمون لسُمح لسفارة طهران في بورتسودان بإقامة مؤتمر صحفي تنويري عن الحرب ، هاهو السفير الإيراني في السودان يتأسف على أن وزارة الخارجية السودانية منعته من إقامة مؤتمر صحفي بخصوص الحرب كان المقرر قيامه في ٢٥ يونيو الماضي وهذا يؤكد تماماً ما ذكرناه سابقاً بأن الحكومة السودانية جادة في النأي بنفسها عن الصراعات التي تضرب منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ، فمن الذي يقنع هؤلاء العملاء وبعض السُذج؟
اللهم_برداً_وسلاماً_على_السودان
مرام البشير “٤ يوليو ٢٠٢٥م”.