
وليد العوض يكتب…مليشيا الدعم السريع : انهيار أم إعادة تموضع ؟
مارس/22 | ص:10:51 / لا توجد تعليقات 142 viewsمليشيا الدعم السريع : انهيار ام اعادة تموضع ؟
بقلم : وليد العوض
لعبت الأحداث في الصومال، افغانستان، احتلال العراق، وثورات الربيع العربي دوراً في تعزيز سياسة الاعتماد على المليشيات المسلحة على نسق اثني وطائفي وقبلي، وشهدت هذه النطاقات تفاعلات لحرب الوكالة وسباق للنفوذ الدولي والإقليمي، ونشطت التفاعلات في مسألة تفكيك الجيوش الوطنية لصالح صعود المليشيات لتشكيل واقع جديد على المستوى الداخلي بارتقاء الأقليات المهمشة والتماهي مع الفواعل الخارجية لحرب الوكالة بمبررات مكافحة الإرهاب والتطرف، والانتقال السياسي نحو تعزيز الديمقراطية، وعلى هذا الأساس عملت الفواعل الإقليمية والدولية المنخرطة في التغيير في السودان على تجهيز الدعم السريع للقيام بمهام تفكيك الدولة والجيش من خلال الأدوار والمهام الانتقالية .
منذ الوهلة الأولى بدأت مؤشرات انهيار في ما يتعلق بإعلان الحرية والتغيير ، وتمرد مليشيا الدعم السريع، وهي مؤشرات صادرة من العوامل الطبيعة والسياسية والمجتمعية ، والتكوين السياسي ،المجتمعي والثقافي للدولة السودانية ، وبدأت هذه المؤشرات تتعاظم وتتفاعل ما بعد الطلقة الأولى من خلال تداعيات حرب 15 أبريل ، فالجرائم والانتهاكات وأعمال النهب والقتل ضد المدنيين ، ومقدرات الدولة السودانية التي تعبر عن العوامل والمؤشرات التي تستند عليها العقيدة العسكرية للقوات المسلحة ، وهو ما يعني وضوح أهداف المليشيا في تحقيق مبدأ تفكيك الدولة عبر مزاعم الاصلاح العسكرى ، واعمال حرب أبريل ، ولذلك ارتكزت المليشيا على شعارات متحركة حسب متغيرات الحرب ، حرب من أجل الدولة المدنية والديمقراطية ، حرب على الإسلاميين ، الارتكاز على البعد القبلي الجهوي ، وأخيراً عادت إلى رغبة تفكيك الدولة عبر طرح الحكومة/الدولة الموازية وهو ما أدى إلى خسائر سياسية وعسكرية وجهوية تبدو في تنامي المقاومة الشعبية والسياسية العريضة .
لعب العامل الطبيعي” العمق الاستراتيجي للدولة السودانية المساحة والموقع الجيوسياسي” اضافة إلى الحكم الاتحادي الدفاع بالجغرافيا كمؤشر لانهيار المليشيا وحرب الوكالة ،وتتمظهر فاعلية العمق الاستراتيجي التي تبدو في حكومة بورتسودان التي تقلل المليشيا وتنسقية تقدم من شأنها واعتبارها تراجعاً سياسياً وعسكرياً ، وما يبدو في حركة النزوح الداخلي التي وفرت الحماية الذاتية للمدنيين، وشكلت حركة النزوح المقاومة الثقافية والمجتمعية والعسكرية .
المؤشرات السياسية تبدو في الاعتماد على ادبيات الحرب الثورية ” الغوريلا ” التي اسسها محمد عبد الكريم الخطابي وتشي جيفارا والتي اصبحت من المبادئ الثورية وتستخدمها حركات التحرر والمليشيات للوصول لحالة الارتقاء السياسي والعسكري ، وتتعارض هذه المبادئ مع طبيعة تكوين مليشيا الجنجويد وحالة الارتقاء السياسي للدعم السريع عبر رافعة وامتيازات الانتقال السياسي، ونفوذ الدعم السريع في اجندة الانتقال ومفاصل حكومة الثورة والانتقال ، وعلى مستوى التكتيك العسكري بدأت المليشيا التمرد المسلح من داخل القصر الجمهوري هو ما يعني التمرد ضد نفوذها في مفاصل الدولة وامتيازات الانتقال، وانطلقت عملياتها العسكرية في المركز حيث تحذر المبادئ الثورية والتجارب من استخدام حرب الغوريلا في مركز وعي الدولة وهو بطبيعته مقاوم للتمرد المسلح ، وقابل للانقلاب التوافقي من داخل النظام نفسه.
منذ دحر المليشيا في ولايات سنار، الجزيرة ، الخرطوم اضافة لصمود الفاشر بدأت تتجلى مؤشرات الانهيار إلى الواقع حيث تتضافر كل العوامل الطبيعية والسياسية المجتمعية في دحر مليشيا الجنجويد، ومخططات حرب الوكالة ، ولذا لجأت المليشيا والوكيل الاقليمي في الانتقال إلى الخطة البديلة عبر المسار السياسي عبر التحالفات المدنية على نسق جهوي في طرح الميثاق التأسيسي كمحاولة للاستعواض العسكري والسياسي أو إعادة التموضع حسب اللواء اركان حرب برمة ناصر رئيس حزب الامة القومي، واعادة التموضع مهمة مستحيلة في واقع الانهيار العسكري الكامل والسقوط الاخلاقي والسياسي، حيث فقدت المليشيا ” دارفور” كجغرافيا وحاضنات مجتمعية واستغلال قضايا الإقليم لإعادة التموضع على المستوى العسكري او سيناريوهات الحكومة الموازية بصورة اكثر دقة العودة إلى حركة جهوية مسلحة، وفقدت اعادة التموضع في البعد القومي سواء بالترتيبات السياسية أو العسكرية .